إفتقد المجلس الشعبي الولائي لولاية البيض السيد جلايلة الشيخ نائب رئيس المجلس الذي وفته المنية مؤخرا .... إن لله و إن إليه راجعون ....
   
 
  المقـاومة الشعبيـة بالمنطقـة

   

  الشيــــــخ بوعـــمامــــة 

 

 

سيـــــــــرتـــــــــــــــــــه

 

 

هو محمد بن العربي بن ابراهيم الملقب بالشيخ بوعمامة ,وهي التسمية التي لازمته طول حياته ,لكونه كان يضع عمامة على رأسه شأنه في ذلك شأن كل العرب . ينتمي عائليا إلى أولاد سيدي التاج الإبن الثالث عشر لجد الأسرة الأول من زوجته الفقيقية ,وما عرف عنه أنه سليل فرع أولاد سيدي الشيخ الغرابة .ولد بوعمامة على الأرجح مابين 1838و1840 بقصر الحمام الفوقاني في منطقة فقيق المغربية ,وفي هذه الفترة الصعبة من تاريخ الجزائر أجبرت عائلته على الهجرة ومغادرة الأرض والاستقرار في الأراضي المغربية ,وواكب ذلك إبرام معاهدة لالة مغنية عام1845 بين السلطات الاستعمارية الفرنسية و السلطان المغربي عبد الرحمن .أبوه هو الشيخ العربي بن الحرمة الذي كان يزاول مهنة بيع البرانس و الحلي مابين منطقة فقيق و المقرار التحتانبي وقد وافته المنية في هذه المنطقة عام 1879 . ينتمي الشيخ بوعمامة عقائديا إلى الطريقة الطيبية التي حلت من المغرب الأقصى, وعن طريق الحدود وصلت الى الغرب الجزائري حيث انتشرت انتشارا واسعا ,كماأن انتماءه إلى الطريقة الطيبية لم يمنعه من التأثر بالطريقة السنوسية كذلك ومرد ذلك القرابة التي كانت بين الطريقة السنوسية وبين أولاد سيدي الشيخ ,على اعتبار أن هذه الطريقة كان منبعها الغرب الجزائري . استطاع الشيخ بوعمامة تأسيس زاوية له في منطقة المقرار التحتاني مما زاد في شعبيته وكثر بذلك أتباعه ومريدوه في العديد من المناطق الصحراوية . دامت مقاومةالشيخ بوعمامة أكثر من ثلاثة وعشرين عاما,حتى أطلق عليه لقب الأمير عبد القادر الثاني ,وقد اشتهر بقدرته الفائقة في مواجهة قوات الاحتلال التي لم تنجح في القضاء عليه رغم محاولاتها سياسيا وعسكريا ,إلىأن وافته المنية في 17 أكتوبر 1908 بمنطقة وجدة المغربية

      مقاومة الشيخ بوعمامة    1881-1908

   عانى الجنوب الجزائري على غرار المناطق الجزائرية الأخرى ويلات الاستعمار الفرنسي من خلال سياسته الجهنمية المبنية على ضرب الصف الواحد معتمد في ذلك على الدور الكبير للمكاتب العربية التي نجحت بدورها في خلق البلبلة وإثارة أحقاد القبائل فيما بينها حتى يستتب لها الأمر, كما أنها استطاعت أن تتغلغل بين العائلات الكبيرة لخلق الفتن وهذا ما حدث بين فرع الغرابة الذي ينتمي إليه
الشيخ بوعمامة و فرع الشراقة أبناء عمومته إلا أن
الشيخ بوعمامة أدرك نوايا الاستعمار الفرنسي ,فأعلن الجهاد لتخليص البلاد والعباد من براثن الاحتلال الفرنسي وقداستمر جهاده إلى غاية عام 1908.

 

 

الأوضاع الممهدة لمقاومة الشيخ بوعمامة

 مقاومة أولاد سيدي الشيخ يجد أن المنطقة كانت تعيش إستقلالية في تسييرها لشؤونها الداخلية ومرد ذلك هو التمركز الضئيل جدا للمستوطنين في المنطقة ,وحتى الجيش الفرنسي لم يكن يملك إلا مركزا واحدا في لبيض سيدي الشيخ فرع الشراقة , لكنه استطاع بعد معارك ضارية خاضتها ضده عائلة أولاد سيدي الشيخ من تشتيت هذه العائلة , فمن أفرادها من اضطر مكرها إلى الهجرة إلى المغرب الأقصى ,ومنهم من نزح إلى ضواحي الجنوب الأقصى وتمركز في منطقة المنيعة . و الملفت للانتباه أن عزوف سكان المنطقة عن المقاومة التي كانوا قد أعلنوها عام 1864لم يدم طويلا ,حيث ظهر على مسرح الأحداث فرع أولاد سيدي الشيخ الغرابة من خلال الصمود الذي أثبته الشيخ سي معمر بن الشيخ الطيب رئيس فرع الغرابة في مقارعته للعدو الفرنسي في المنطقة بداية من شهر أفريل 1873 , لكن هذا الأخير اضطر إلى الانسحاب ووضعه تحت الإقامة الجبرية , ولكن ما أن انتهت فترة 1878 -1880 حتى ظهرت شخصية مجاهدة أخرى من نفس الفرع وهي الشيخ بوعمامة الذي حمل لواء الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي ووقف في وجه التوسع في المناطق الصحراوية.

 

 

 أسباب مقاومة الشيخ بوعمامة يكفي القول بأن رفض الشعب الجزائري للاحتلال الفرنسي يعد من أهم العوامل التي دفعت بالشيخ بوعمامة إلى الإعداد والتنظيم للعمل الثوري ضد العدو بالجنوب الوهراني ومما لاشك فيه أن هناك جملة من الأسباب ساهمت بشكل كبير في التعجيل بإشعال الثورة ومن أهمها مايلي:  الأسباب المباشرة: يعتبر مقتل الضابط الفرنسي واين برونر وهو برتبة ملازم أول وكان يشغل رئيس المكتب العربي لمنطقة البيض وذلك في 22أفريل 1881 ,مع أربعة من حراسه من فرسان الصبايحية عندما حاول جاهدا إيقاف نشاط الشيخ بوعمامة السبب المباشر في اندلاع المواجهة بين الشيخ بوعمامة والإدارة الاستعمارية الفرنسية .  الأسباب غير المباشرة : لقد تأثر الشيخ بوعمامة بفكرة الجهاد ضد الصليبيين الغزاة المحتلين لكونه رجل دين وصاحب زاوية , هذا إلى جانب الأفكار الإصلاحية التي وصلت إلى المناطق المجاورة وأثرت تأثيرا مباشرا على الشيخ , وكان من أبرزها دعوة جمال الدين الأفغاني و السلطان عبد الحميد الثاني إلى بناء تحالف إسلامي في إ طار الخلافة الاسلامية كأساس لتغيير أوضاع المسلمين وطرد المستعمرين و هي الأفكار التي وصلت إلى المغرب العربي كذلك عن طريق الوافدين من المشرق العربي ,يضاف إلى هذا كله دور دعاة الطريقة السنوسية في إثارة سكان المناطق الصحراوية ضد تغلغل الاستعمار ومواجهته وقد كان لهذا الدور مفعوله على نفسية الشيخ بوعمامة ,وهي عوامل كافية ليقوم الشيخ بوعمامة بحركته الجهادية ضد الإستعمار الفرنسي في منطقته. ب- السبب الإقتصادي: إن تردي الأوضاع الإقتصادية في منطقة الجنوب الوهراني في تفجير الأوضاع واندلاع الثورة , خاصة بعد انتشار المجاعة التي أهلكت سكان المنطقة وفقدوا جرائها كل ممتلكاتهم ناهيك عن الغبن الذي تسببت فيه السياسة الجائرة للإدارة الاستعمارية ,ومنها منع بعض القبائل من التنقل ما بين 1879 و1881,خاصة قبائل آفلو والبيض و قبائل جبال القصور الرحالة وقد تولد عن ذلك نوع من التذمر و الاستياء الشديدين ,وقد نجم عن .موت أعداد كبيرة من المواشي وقد وصلت نسبة الخسائر التي لحقت بمنطقة آفلو وحدها بثلاثمائة رأس أي:

 80/. منها نسبة 37/. في سنة 1879-1880 و نسبة 43/. سنة 1880-1881 . وكذلك عزم السلطات الفرنسية على إقامة مركز عسكري للمراقبة في قصر تيوت ,بعد فشل البعثة الرسمية لدراسة مشروع مد الخط الحديدي عبر الصحراء في الجنوب الغربي لإقليم وهران عام 1879

 مراحل المقاومة:  ا-المرحلة الأولى

ب-المرحلة الثانية: عرفت مقاومة الشيخ بوعمامة خلال هذه المرحلة فتورا ملحوظا بعد استقرار في مسقط رأسه الحمام الفوقاني بفقيق التي وصلها في جويلية 1883, حتى يتمكن من تنظيم صفوفه للمستقبل ,وهذا ماجعل السلطات الاستعمارية تتخوف من تحركاته الكثيفة لذا سارعت في إرسال برقية موقعة من طرف الجنرال سوسيي قائد الفيلق التاسع عشر إلى حكومته في باريس يدعوها إلى الضغط على السلطان المغربي لطرد الشيخ بوعمامة من الأراضي المغربية لأنه يشكل خطرا على المصالح الفرنسية في المنطقة .هذا التحرك دفع الشيخ بوعمامة إلى مغادرة المنطقة ,ولجوئه إلى إقليم توات واحتمى بسكان واحة دلدول مع نهاية عام1883 ,واستقر هناك إلى غاية عام 1894 حيث أسس زاوية له وشرع في تنظيم الدروس الدينية لمواصلة الجهاد ووقف زحف التوسع الاستعماري في الجنوب الغربي ,حيث قام بمراسلة مختلف شيوخ القبائل الصحراوية لإعلان الجهاد ضد الكفار ومقاومتهم .كماكان لهذا النشاط صدى واسعا بين القبائل الصحراوية ,خاصة قبائل التوارق الذين اقترحوا عليه الانتقال إليهم ليتعاونوا في الجهاد ضد العدو الفرنسي ,كما آزرته وانضمت إليه بعض القبائل المقيمة على الحدود الجزائرية- المغربية .لقد حاول الاستعمار الفرنسي خنق الثورة من كل الجهات وبكل الوسائل والتوسع في الجنوب وذلك عن طريق إقامة المؤسسات الاقتصادية وإنشاء المراكز التجارية في كل من إقليم توات وتاديكالت .

ج-المرحلة الثالثة: تعتبر هذه المرحلة بداية النهاية ,ففي خضم هذه الأحداث استطاع الشيخ بوعمامة أن يكسب العديد من الأنصار ويحضى بثقة سكان المناطق الصحراوية ,وهذا ما جعل السلطات الاستعمارية تفكر في استمالته بكل الوسائل فقامت بالاتصال عن طريق المفوضية الفرنسية بمدينة طنجة المغربية عام 1892 للتفاوض حول قضية الأمان التي انتهت بدون نتيجة . إن الصلات الودية والطيبة التي كانت بين الشيخ بوعمامة والسلطات المغربية أثارت قلق وتخوف السلطات الاستعمارية الفرنسية ,خاصة بعد الاعتراف به زعيما لقبائل أولاد سيدي الشيخ ومشرفا على كل المناطق الصحراوية مما دفعها مرة أخرى إلى محاولة كسب وده لتسهيل مهمتها في التوسع وبسط نفوذها على المناطق الصحراوية ,لذلك قرر الوالي العام لافريار في 16 أكتوبر 1899 منح الشيخ بوعمامة الأمان التام دون قيد أو شرط.ومع مطلع القرن العشرين دخل الشيخ بوعمامة المغرب الأقصى واستقر في منطقة وجدة , الأمر الذي جعل السلطات الفرنسية في الجزائر تتنفس الصعداء بتخلصها من أحد أشد أعدائها مقاومة .إن السنوات التي خاضها الشيخ بوعمامة في الجهاد عرقلت بشكل كبير التوسع الاستعماري في أقصى الصحراء خاصة الناحية الغربية منها ,رغم الحصار الكبير الذي حاولت السلطات الاستعمارية فرضه على المقاومة بقيادة الجنرال ليوتي .

 نتائج مقاومة الشيخ بوعمامة تمثلت هذه النتائج فيما يلي

كانت ثورة الشيخ بوعمامة تحديا كبيرا لسياسة الجمهورية الثالثة ,والتي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر ,واستطاعت أن تعطل وتعرقل المشاريع الفرنسية في الجنوب الغربي.  تمثل ثورة الشيخ بوعمامة المرحلة النهائية من استراتيجية الزعامات الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عن طريق المقاومات الشعبية التي تعتمد أساسا على العامل الديني في تعبئة الجزائريين لمقاومة الاحتلال.  تعتبر ثورة الشيخ بوعمامة من أعنف المقاومات الشعبية خلال القرن التاسع عشر بعد مقاومة الأمير عبد القادركشفت ثورة بوعمامة ضعف الفرنسيين في مواجهة المقاومة مما جعلها تبحث عن الحلول السياسية لإخماد نار الثورة خصوصا مع المرحلة الثانية 1883 -1892 حين ظهرت قضية الأمان الذي كانت تبحث عنه السلطات الفرنسية من بوعمامة الذي رفضه من خلال المراسلات و المفاوضات التي كانت تسعى إليها فرنسا.  الخسائر البشرية والمادية هي الأخرى كانت من أبرز النتائج التي تمخضت عن الثورة  عجلت الثورة بإتمام مشاريع السكك الحديدية في المنطقة وربط الشمال بالجنوب.  إن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة بسبب العقبات التي اعترضتها منها على وجه التحديد عدم التمكن من توحيد فرعي أولاد سيدي الشيخ وكذلك ضغوط السلطان المغربي عبد العزيز على الثورة وحصرها في
الحدود ,إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس وعرقلة التوسع في المنطقة
          
مقــــاومــــــة أولاد سيدي الشيخ           

لم يعلن الشيخ بوعمامة الثورة على الاستعمار الفرنسي بمنطقة الجنوب الوهرابي إلا بعد أن هيأ جميع القبائل الصحراوية عن طريق مريدي الطريقة الشيخية المنتشرين عبر كل المنطقة, ومنها قبائل الطرافي و رزاينة والأحرار و فرندة و تيارت ,وقد وجدت هذه الدعوة صداها لدى قبائل عمور و حميان و الشعامبة ,وقد استطاع الشيخ بوعمامة في وقت قصير أن يجمع حوالي ألفان وثلاثمائة جندي بين فرسان و مشاة .لقد وقعت أول مواجهة عسكرية بين الشيخ بوعمامة و القوات الفرنسية في 27 أفريل 1881 بالمكان المسمى سفيسيفة جنوب عين الصفراء ,أسفرت عن انهزام الجيش الفرنسي واستشهاد بعض رجال الشيخ بوعمامة منهم وقائد المعاليف قائد الرزاينة.وأمام خطورة الوضع سارعت السلطات الاستعمارية إلى إرسال قوات إضافية إلى المنطقة لقمع الثورة والقضاء عليها وتمثل المدد الذي وصل إلى المنطقة فيما يلي: - ثلاث فيالق من المشاة تحت قيادة العقيد إينوسانتي . - فرقتين يقودهما القايد قدور ولد عدة . - فرقة تيارت يقودها الحاج قدور الصحراوي. - قافلة من ألفين وخمسمائة جمل ومعها ستمائة جزائري . - قائد الشعبة العسكرية لمعسكر الجنرال كولينو دانسي هو الذي تولى القيادة العامة لهذه القوة العسكرية. أما المواجهة العسكرية الثانية بين الطرفين الجزائري والفرنسي كانت في 19 ماي 1881 بالمكان المسمى المويلك وتقع قرب قصور الشلالة بجبال القصور ,وكانت معارك عنيفة جدا اشتد فيها القتال بين الطرفين وكان النصر فيها حليف الشيخ بوعمامة رغم تفوق العدو في العتاد والعدة .وحسب تقارير الفرنسيين أنفسهم فإن هذه المعركة خلفت خسائر لكلا الطرفين ,وقد قدرت خسائر الفرنسيين فيها ستون قتيل واثنان وعشرون جريحا.وبعد هذه المعركة ظل الشيخ بوعمامة سيد الموقف ,حيث توجه إلى الأبيض سيدي الشيخ مما ساعد الثوار في هذه الفترة على قطع خطوط التلغراف الرابط بين فرندة والبيض ومهاجمة مراكز الشركة الفرنسية الجزائرية للحلفاء,وقد قتل العديد من عمالها الإسبان مما دفع بالسلطات الفرنسية إلى اتخاذ اجراءات لحماية مصالحها منها تجميع أربعة طوابير قويةفي النقاط التالية: - فرقة راس الماء أسندت مهمتها إلى العقيد جانين. - فرقة بخيثر بقيادة العقيد زويني . - فرقة تيارت وأسندت مهمتها إلى العقيد برونوسيار. - فرقة البيض وكانت بقيادة العقيد تاديو ثم العقيد نيغريي. ولمواجهة انتصارات الشيخ بوعمامة المتتالية قامت السلطات الفرنسية بتحركات سريعة تمثلت في إرسال قواتها نحو الجنوب الغربي من أجل تطويق الثورة والقضاء عليها وبالتالي تتوسع في المنطقة وتبسط نفوذها على كل قصور الجنوب الوهراني. لقد تم تكليف العقيد نيغريي بمهمة معاقبة القبائل التي شاركت مع الشيخ بوعمامة في الثورة وكانت البداية بنسف زاوية سيدي الشيخ الكبير المتواجدة بالبيض سيدي الشيخ,تلتها المجازر الرهيبة التي قام بها جيش الاحتلال في حق السكان العزل من أهالي الطرافي والربوات بمنطقة البيض انتقاما لمشاركتهم في الثورة ,ونفس الجرائم ارتكبت ضد سكان الشلالة الظهرانية ,و في الأبيض سيدي الشيخ ارتكبت أعمال شنيعة على يد السفاح نيغريي في 15أوت 1881 الذي قام بتفجير قبة سيدي الشيخ ونبش قبره وهو استهزاء بالجوانب الروحية للشعب الجزائري وعاداته وتقاليده.ومابين سبتمبر وأكتوبر عام1881 تعرضت القوات الفرنسية بقيادة كل من الجنرال كولونيو والجنرال لويس إلى هجومات المجاهدين قرب عين الصفراء نتج عنها سقوط العديد من القتلى والجرحى بين الطرفين ,كذلك قام السفاح لويس بتحطيم القصرين اللذين كان يمتلكهما الشيخ بوعمامة وهما قصر مغرار الفوقاني وقصر مغرار التحتاني,كما دمرت زاوية الشيخ بوعمامة أيضا وقتل العديد من السكان العزل. ومن التطورات الهامة التي حصلت خلال هذه الفترة كذلك هو التحاق الشيخ سي سليمان بن حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الغرابة إلى ثورة بوعمامة على رأس ثلاثمائة فارس ,واتجه مع قوته إلى جنوب غرب عين الصفراء ومنها إلى منطقة البكاكرة للضغط على القبائل الموالية للاستعمار الفرنسي. أمام تزايد القوات الاستعمارية وتوافد الدعم لها من كل منطقة ازداد الضغط علىالشيخ بوعمامة فاضطر إلى الانسحاب متجها إلى منطقة فقيق بالمغرب الأقصى ,حيث قل نشاطه وتفرق أتباعه وأنصاره ,وقد انضم البعض منهم إلى السي قدور بن حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الشراقة ,أما البعض الآخر فقد انضم إلى صفوف الشيخ سي سليمان بن حمزة قائد أولاد سيدي الشيخ الغرابة ,وباقي المجاهدين فقد مكثوا بمنطقة فقيق وضواحيها. وفي 16 أفريل 1882 لاحقت قوات الاحتلال الشيخ بوعمامة في الأراضي المغربية ,لكنه رد عليها بهجوم عنيف في شط تيغري كبد العدو خسائر فادحة في الأرواح وأجبره على الانسحاب .لقد كان لهذه الهزيمة وقع كبير في الأوساط العسكرية الفرنسية ,وزادت من جهة أخرى الثورة صمودا وتحديا وأثبتت تفوقها مرة أخرى على القوات الفرنسية

خاض أولاد سيدي الشيخ مقاومة عنيفة دفاعا عن الوطن و الديار، فبعد أن رسمت الحدود بين الجزائر والـمغرب بموجب معاهدة لالة مغنية تمزقت على إثرها مصائر بعض القبائل المنتشرة على هذا الخط و منها قبيلة أولاد سيدي الشيخ، كما نجحت فرنسا في استمالة سـي حمزة بن بوبكـر زعيم الفرع الشرقي من أولاد سيدي الشيخ بتعيينه سنة 1850 خليفة على الجنوب الجزائري . اظهر الخليفة الولاء لفرنسا ووضع نفوذه في خدمتها، إلا أنها لم تطمئن إليه لما له من مكانة بين القبائل الصحراوية ، فاستدعته إلى الجزائر العاصمة، للتحقيق معه متذرعة بشكاوى بعض سكان المنطقة ، غير أنه لقي حتفه يوم 15 أوت 1861م. وادعى الفرنسيون أن زوجته دست له السم .وولت مكانه ابنه الأكبر بوبكر ، برتبة "باش آغا" وهي أقل من رتبة خليفة لكنه سرعان ما قتل هو الآخر مسموما من قبل أتباعه في 22جويلية 1862م. نصبت فرنسا سي سليمان بن حمزة مكان شقيقه سي بوبكر ، و عزلت القائد سي الزبير من آغاوية ورقلة ، بذريعة مرضه الـمزمن ، وقامت بتعيين شقيقه سي لعلا بن بوبكر مكانه، وكان هذا الأخير متأكدا من أن وفاة سي حمزة وابنه بوبكر إنما هو عمل دبرته السلطات الفرنسية فأخذ يحرض ابن أخيه سي سليمان على مقاومة الاستعمار مستغلا بعض العوامل منها مثلا سحب فرنسا لبعض قواتها الرابضة بالجنوب الغربي لتدعيم مجهودها الحربي الاستعماري بالمكسيك والكوشنشين الهند الصينية

أسبـــاب مقاومــة أولاد سيــدي الشيخ  سلك الاستعمار الفرنسي في عملية التوسع و بسط النفوذ العديد من الأساليب كاستغلال نفوذ أسرة أولاد سيدي الشيخ مطية للتوغل في الجنوب ،وحينما تيقن الزعماء من خطر هذه السياسة تصدوا له، وأعلنوا الجهاد . على أن دوافع أخرى دينية وسياسية واقتصادية عجلت باندلاع المقاومة يمكن حصر بعضها في النقاط التالية:  رفض الاحتلال ، وهو العامل الرئيس لكل المقاومات . اثقال كاهل السكان بالضرائب ، لتحطيمهم ماديا وتفقيرهم .  سياسة فرنسا القائمة على فكرة "فرق تسد " بضرب وحدة الصفوف.  محاولة فرنسا زعزعة نفوذ سي سليمان و الحد من نفوذه. في خضم هذه الظروف وجه سي سليمان نداء إلى عائلته مؤكدا أن الفرنسيين الذين سمموا أباه حمزة و أخاه بوبكر، لن يتورعوا في قتله وعليه لابد من الاستعداد للمواجهةوالشروع في التحضير لاعلان الجهاد. -ويبقى السبب المباشر تلك الإهانة التي تعرض لها سي الفضيل وعدد من أفراد عائلة أولاد سيدي الشيخ يوم 29 جانفي 1864م في ساحة البيض على يد ضباط المكتب العربي .
المرحلة الأولى : 1864 - 1867

أعلن فيها سي سليمان الجهاد ، بعد أن وافقه شيوخ الزاوية واستجاب له عدد معتبرمن الأتباع والأنصار وكلف سي الفضيل بمهمة التعبئة و الاتصال بالقبائل وأتباع الطريقة البوشيخية المنتشرين عبر ربوع الصحراء. وفي يوم 08 أفريل 1864 اندلعت المقاومة بالاغارة على مخيم للجيش الفرنسي في هضبة عوينة بوبكر شرق البيض مما أثار الارتباك و الهلع في صفوف القوات الفرنسية ، كما انقض سي سليمان على العقيد بوبريط وقتله ، غير أنه تعرض بالمثل على يد الجند الفرنسيين. خلف هذا الانتصار أثرا حسنا بين القبائل التي سارعت إلى الانضمام إلى المقاومة، خاصة بعد أن علمت بسقوط العديد من الضباط الفرنسيين ، نذكر منهم
العقيد "بوبريتر baupretre

النقيب "إسنارد" (ISNARD)

ونقيب الـمكتب العربي بتيارت والـمترجم "كابيسو" (CABISSOT) ،

ونقيب الصبايحية "تيبولت" (THIBAULT)
مع ملازمه الأول "بيران"
PERRIN)
و ملازم القناصة "بوبيي" (BEAUPIED).
وبعد استشهاد سي سليمان بن حمزة بويع سي محمد قائدا،ولصغر سنه استعان بعميه سي الزبير وسي لعلا،وقد عرف عن هذا الأخير الحيوية و الحنكة في ادارة المواجهة ، بقدرته على التعبئة . كما تدعمت المقاومة يوم 17 أفريل بانضمام قبيلة أولاد شايب من دائرة بوغار تحت قيادة الآغا النعيمي ولد الجديد و حوالي خمسمائة فارس ، بعد أن قاموا بهجوم مباغت على معسكر فرنسي، يقوم بمهمة التجسس وجمع الأخبار عن تحركات المجاهدين، وقضوا على الـملازم أحمد بن رويلة وضابطين فرنسيين و11 صبايحيا. وأمام هذه التطورات سارع الجنرال يوسف إلى تنظيم كتيبة في بوغار للسيطرة على القبائل الثائرة وتهدئة الأوضاع. ومن أشهر المعارك التي خاضها سي محمد بن حمزة :
معركة ابن حطب يوم 26 أفريل 1864م ضد فيلق الجنرال "مارتينو" (MARTINEAU) المتجه إلى البيض
.
وفي يوم 13 ماي 1864م وقعت معركة "ستيتن" بين المقاومين بقيادة سي محمد وقوات العدو بقيادة الجنرال "دلينيه" ، فقد فيها المجاهدون العديد من الرجال ، مما جعل سي محمد ينسحب إلى الجنوب ، وتمكن بذلك الجنرال "دلينيه" من الانتقام من السكان العزل. استغل المجاهدون ظروف اشتداد الحر ، للانقضاض على الـمراكز الفرنسية وتأديب القبائل الموالية للاستعمار فهاجموا فرندة في 12 جويلية 1864لتأديب الخونة ، غير أن السلطات الفرنسية عززت مراكزها بتجهيز خمس كتائب منها كتيبة الجنرال "لوقران" و "دلينيه - مارتينو" ، وكتيبة "جوليفي" ولم يحول ذلك من شن هجوم بزعامة سي محمد على كتيبة الجنرال "جوليفي" بعين البيضاء يوم 30 سبتمبر 1864م ، وألحقوا بها خسائرجمة. لهذا أصدرت الحكومة الفرنسية التعليمات للجنرال "دلينيه" والجنرال يوسف لفك الحصار عن هذه الجهات ، وكلفت "شانزي" بمطاردة المجاهدين . فخيم الجنرال "دلينيه" بالبيض لمحاصرة المقاومين ، ومراقبة تحركاتهم فوقعت معركة غارة سيدي الشيخ يوم 4 فبراير 1865م ، جرح خلالها سي محمد بن حمزة ، و توفي متأثرا بجروحه يوم 22 فبراير من نفس السنة. خلفه أخاه سي أحمد ولد حمزة ،ونظرا لصغر سنه تولى سي بوزيد مهمة تنظيم المقاومة ، طوال سنة 1865.و شهدت سنة 1866 عدة اشتباكات ومعارك برز خلالها العقيد "دي كولومب الذي حقق بعض الانتصارات نظرا لخبرته ومعرفته بالـمناطق الصحراوية، من أهمها معركة الشلالة في أفريل 1866 . ا لمرحلة الثانية : 1867 - 1881

لم تـثْن الهزائم الأخيرة من عزيمة أولاد سيدي الشيخ على مواصلة المقاومة ، ، بل اعتصم المجاهدون بالجنوب والحدود الجزائرية الـمغربية لـمعاودة القتال عن طريق الكر والفر ، للتغلب على القوات الاستعمارية الضخمة التي لا يمكن صدها بأسلوب حروب المواجهة. تعد الفترة الممتدة من 1867م إلى 1869م فترة قحط في الجزائر ، حيث شهدت أزمات متتالية كالمجاعة و تفشي الأوبئة إضافة إلى زحف الجراد ، مما أودى إلىهلاك العديد من الأهالي ، رغم ذلك، استمرت المقاومة ولو بوتيرة أقل انطلاقا من الحدود. وبعد وفاة سي أحمد بن حمزة في شهر أكتوبر 1868م بتافيلالت خلفه سي قدور بن حمزة الذي تمكن من توحيد صفوف أولاد سيدي الشيخ ، وتنظيم المقاومة، ففي عهده وقعت معركة أم الدبداب قرب عين ماضي في شهر فبراير 1869، انتصر فيها العدو الذي زاد من تعزيز قواته بالمنطقة، فأرسلت عدة بعثات منها بعثة "وانمبفين" (WIMPFEN) التي تمكنت يوم 19 مارس من ضرب قبيلة حميان. لقد انعكست الأحداث الجارية في فرنسا و أوروبا سيما منها هزيمة باريس أمام بروسيا سنة1870 وسقوط النظام الامبراطوري وقيام الجمهورية الفرنسية الثالثة ايجابيا على المقاومة مما شجعها على الاستمرار، ومن أشهرما خاضته من معارك معركة ماقورة في 17 أفريل 1871 استشهد فيها أزيد من مائتي مقاوم. غير أنهالم تستطع مواكبةمقاوم المقراني والشيخ الحداد.وفي 23 ديسمبر لحق الجنرال "أوصمانت" بالقائد سي قدور بن حمزة الذي اخترق صفوف القوات الفرنسية بكل شجاعة ، نحو التل و قد أصابه في موقعة "ميقوب" ففرَّ إلى الجنوب مع عمه  سي لعلا. و بذلك تعد هذه المعركة بمثابة الضربة القاضية ، كونها آخر معارك أولاد سيدي الشيخ الشراقة ضد الإحتلال 
الفرنسي

الشـــاعر محمــد بالخيــر                  

                 هومحمد بلخير من قبيلة الرزيقات فرع أولاد داود، ولد حسب التقديرات ما بين 1830-1832م بوادي المالح ، ضواحي عين تموشنت أي أنه ولد مع بداية الإحتلال الفرنسي للجزائر ، ويستدل على ذلك من قوله

       الروم أنفاضها تزعل                وأنا في صربة الزيادة              

   وقبيلة الرزيقات التي نشأ بها الشاعر هي إحدى مجموعة قبائل " أغواط كسال" توجد مضاربها إلى الشرق من مدينة البيض تعيش حياة البداوة التي تتميز بالحل والترحال، والإيواء في الخيام ، وممارسة حرفة الرعي ، والفروسية ونظم الشعر فالشاعر محمد بلخير الذي عاش طفولته وبعض مراهقته في الشمال إلا أنه شب على نمط حياة قبيلته وتأثرت شخصيته بوسطها الذي يتصف أهله رغم قساوته بخصال وشمائل كثيرة كالكرم والوفاء بالعهد وحب الحرية ، والصبر على الشدائد  والذود عن الأرض والعرض ، ومقارعة الظلم مهما كان مصدره ، فأكسبته هذه البيئة كثيرا من التجارب والخبرات ، التي يتمتـع بها أهل منطقتـه مما نما من مداركه ، وصقل موهبته فتفتحت قريحته الشعرية منذ أن تحركت فيه الأحاسيس والمشاعر الوجدانية وتدفقت عواطفه سيلا من الكلام الموزون المعبر
وقد تميزت مرحلة الشباب من حياته بنظمه لأشعار الغزل الذي أبدع فيه أروع القصائد مصورا فيها جمال المرأة البدوية بعفة أحيانا ، وببعض الإباحية أحيانا أخرى
وكان لتنقلاته الكثيرة خلال هذه الفترة في مناطق الهضاب العليا وبين الصحراء والتل ( الشمال ) ، ومجالسته الفقهاء والعلماء ، وأهل الرأي والحكمة الأثر البارز في إكتسابه لكثير من المعلومات والمعارف في الشريعة والتصوف والتاريخ رغم أميته وجهله بالقراءة والكتابة وهو يعترف بذلك في قوله

ما أقريت مع الطلبة بن عشير          أولا كتاب بن خلدون جافي يدي            

في نفس الوقت يبين أنه متعلم بما منحه الله من ذكاء وفطنة وموهبة وبما ألهمه من معارف حيث يقول

أقريت بلا  كتوب من عند الرحمان            ما زينها يا الناس طاعة           
لما بلغ سن النضج  و الإتزان العقلي تناول شعره أغراضا أخرى كالمديح الذي نظم فيه قصائد كثيرة تضمنت التوحيد ، مدح الرسول صلى الله عليه وسلم و مدح شيخه سيدي الشيخ صاحب الطريقة الشيخية المتفرعة عن   الطريقة الشاذلية فقد كان من أتباع هذه الطريقة ومن مقاديمها ، وكان إرتباطه بهذا الولي الصالح قويا كما يظهر ذلك في الكثير من أشعاره و بعد قيام ثورة أولاد سيدي  الشيخ و القبائل المنتفضة معها في 08 أفريل 1864 ضد الوجود الفرنسي بالجهة كان الشاعر محمد بلخير ضمن صفوف الثائرين ولعب دورا بارزا في هذه المقاومة ، فقد كان لسان حالها ، و قـام بدور و مهمة وسيلة الإعلام لها ، وذلك من خلال فخره ببطولات  الثوار  و الإشادة بإنتصاراتهم علـى الفرنسييـن و الرد على الخونة و القاعدين و التشنيـع بهــم ،و إلهاب حماس الأهالي لدفعهم إلى الإلتحاق بالجهـاد  لمقارعـة المستعمر ، وظل يخوض مع رفاقه الثوار المعركة تلو الأخرى حتى توقيع عقد صلح بريزينة في 20 ماي 1883 بين زعماء الثوار و السلطات الفرنسية .
لإنهاء القتـال بين الطرفيـن ، وقـد رفض محمـد بلخيـر هذا الصلـح جملـــة وتفصيلا ، و إنفصل عن مخيم سي قدور بن حمزة الزعيم الرابع لثورة أولاد سيدي الشيخ ، رغم محاولات إقناعه و ترضيته بشتى الوسائل ، فسافر إلى المنيعة سعيا لحشد الأنصار و جمع المال و السلاح لتجديد الثورة ، ومواصلة الجهاد و لكنه فشل في ذلك 
و لما عاد إلى المنطقة ظل مختفيا عن الفرنسيين و أعوانهم حتى تم القبض عليه حوالي سنة 1886 و نفي إلى كالفي بجزيرة كورسيكا بقرار حكومي في 18 جانفي 1887 بتهمة "العصيان" و التحريض على الثورة ضد الوجود الفرنسي في المنطقة وقد نظم في سجنه قصائد عديـــدة  ، كان يذوب فيها شوقـــا وحنينــا إلـى الأهــل و الوطن و شيخه سيدي الشيخ و مسترجعا ذكرياته مع رفاقه الثوار و المعارك التي خاضوها ضد الفرنسيين و الإنتصارات التي أحرزوها عليهم في الكثير من مواقع النزال .1895مكث محمد بلخير في سجنه سبع سنوات و سبعة أشهر ، و أطلق سراحه حوالي سنة  ، و لم يقل أية قصيدة بعد عودته إلى المنطقة و توفي بعد ذلك ببضـع سنـوات حوالـي 1898  بعد حيـاة مليئـة بالجهـاد فــي سبيــل الله و الوطن .
دفن بعد وفاته في " تيغست " ضواحي بوعلام ، و بعد الإستقلال نقلت رفاته إلى مقبرة الشهداء ببوعلام ليعاد دفنه فيها تخليدا له كشخصية ثقافية وجهادية نظمت  لــــه ولايـــة البيض عدة مهرجانــات و اسابيـع ثقافيــة ، و كان إنتاجـه شعــري  و تاريخه النضالي محل إهتمـام الباحثين و الدارسين الذين تناولــوا حياته كشاعــر كبيـر و مجاهد بطل قاوم الإستعمار بسيفه و لسانه فكان رمزا للتضحية و الإباء
 

 

 
Assemblée Populaire de la Wilaya d'El Bayadh
 
 
site CEM Ibnkhaldoun
 
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement